دعاء جمال وحديث عن دور الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي في تنشيط الاستثمار الزراعي.
تحت شعار "توفير الاحتياجات الغذائية الأساسية للدول العربية من خلال استثمار وتنمية مواردها الزراعية"؛ تنطلق رسالة الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي، التي لطالما كانت عوناً للدول العربية في توجهها نحو تحقيق الاكتفاء الغذائي في البلاد على مدارِ 44 عاماً، ومازالت الهيئة بعد أكثر من أربعة عقود منذ بداية تأسيسها وحتى الآن تقوم بدور الراعي والناشط الأول في الاهتمام بشؤون الأمن الغذائي العربي في الدول الأعضاء.
نشأة الهيئة العربية العربية للاستثمار والإنماء الزراعي خطوة مدروسة نحو تحقيق الأمن الغذائي
تُقدر حجم الفجوة الغذائية في الوطن العربي حالياً بما يتراوح بين 33,58 و45 مليار دولار أمريكي وهو ما يمثل حجماً كبيراً إذا ما قارناه بالإمكانات الزراعية غير المستغلة في الدول العربية؛ حيث تمثل المساحة المزروعة في الوطن العربي 5.38% فقط من إجمالي المساحة الصالحة للزراعة والتي تقدر بنحو 1345.28 مليون هكتار - الهكتار يساوي 10,000 متر مربع – بما يمثل حوالي 14.1% من المساحة الكلية للدول العربية، في حين تمثل القوة العاملة في القطاع الزراعية حوالي 30% من إجمالي القوة العاملة في الوطن العربي، أضف إلى ذلك التنوع المناخي بين الدول العربية وبعضها وبين المناطق المختلفة في الدولة الواحدة نفسها، ناهيك عن توافر الموارد المائية بما يمثل نحو 259 مليار متر مكعب من المياه، وهو ما يكفي لتغطية الفجوة الغذائية للعالم العربي.
إلا أنه على الرغم من تلك الإمكانيات تستورد المنطقة العربية نحو 55% من احتياجاتها الغذائية من الخارج؛ وذلك بسبب وجود صعوبة في توظيف الاستثمارات الزراعية للدولة الواحدة بما يصب في مصلحة تحقيق الأمن الغذائي لعدة اعتبارات منها الحاجة إلى الخبرة الفنية وحاجة المزارعين للحصول على الدعم المادي والحاجة إلى أساليب تقنية مبتكرة للتسويق بطريقة أمثل، وهنا يأتي دور الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي التي تسعى إلى تحقيق التنمية الزراعية المستدامة وخلق مجال عمل مشترك ومستدام بين الدول العربية بما يهدف إلى القضاء على الجوع وتعزيز الأمن الغذائي وتعظيم العائد على الاستثمار الزراعي.
ففي عام 1976 انطلقت أعمال الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي كمؤسسة مالية عربية ذات شخصية قانونية اعتبارية ودولية مستقلة، برأس مال قدره 1,098 مليار دولار أمريكي عبر 54 شركة منها ما هو قائم بالفعل ومنها ما هو تحت التأسيس وتتوزع تلك الشركات على 12 دولة عربية، وعدد أعضاء الهيئة يبلغ حالياً 21 دولة عربية منهم خمس دول يستحوذون على النصيب الأكبر من المساهمة في رأس مال الشركة، وهم: دولة الإمارات العربية المتحدة، المملكة العربية السعودية، الكويت، دولة العراق، وجمهورية السودان التي يقع بها المقر الرئيسي للهيئة.
تم تأسيس الهيئة بهدفٍ أساسي هو تعبئة الموارد الزراعية والإمكانات المالية والبشرية للدول العربية واستثمارها الاستثمار القويم من خلال تقديم الدعم والخبرة الفنية لصغار ومتوسطي المزارعين والمنتجين ومشاركة القطاع الخاص في إقامة مشاريع زراعية رائدة في الوطن العربي تستطيع المنافسة عالمياً بما يصب في النهاية في تعزيز الأمن الغذائي للدول العربية.
دور الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي في تنشيط الاستثمارالزراعي
منذ نشأتها وهي عاكفة على تطوير القطاع الزراعي بالمنطقة العربية من خلال توظيف استثماراتها في القطاعات الزراعية الرئيسية: التصنيع الزراعي، الإنتاج النباتي، الإنتاج الحيواني، والخدمات الزراعية، وذلك مع الأخذ بعين الاعتبار الاهتمام بالسلع الغذائية الأساسية وهي الحبوب، اللحوم، الزيوت النباتية، الألبان ومشتقاتها، السكر، والأعلاف وهو ما يشكل نسبة 54.5% و19.4% و9.3% و10.1% و7.9% على التوالي من حجم الفجوة الغذائية.
وفي سبيل تعزيز الأمن الغذائي والنهوض بالقطاع الزراعي تقوم الهيئة بدورٍ هام في البحث عن الفرص الاستثمارية المتاحة في الوطن العربي مع الاهتمام بالنشاطات التنموية المتنوعة وإعداد دراسات الجدوى اللازمة لتقويم جدوى المشروعات ومن ثم تقوم بتوجيه صناع القرار نحو الفرص الأمثل للاستثمار مع تقديم الدعم المادي والخبرة اللازمة ونقل التقنية الحديثة التي تساعد على تعظيم العائد ورفع مستوى معيشة السكان في البلاد وخاصةً تلك التي تحتضن مشاريع الهيئة.
حيث تستند الهيئة على التحول من الفكر التقليدي في الممارسات الزراعية إلى توظيف التكنولوجيا الزراعية والأساليب المتطورة في زيادة كفاءة وجودة السلع الغذائية، ونقل خبرات الدول فيما يتعلق بأحدث التقنيات الزراعية المستخدمة مع الاهتمام بنشر نتائج الأبحاث العلمية الخاصة بالنهوض بالقطاع الزراعي لتنمية معرفة الدول الأعضاء بآخر ما توصل إليه العلم الحديث في الوصول للتنمية الزراعية المستدامة.
ولعل أهم جهود الهيئة التي يُمكن إلقاء الضوء عليها فيما يخص تنشيط الاستثمار الزراعي هي برامج تمويل صغار المزارعين والمنتجين وأهمها برامج القروض الدوارة والزراعة التعاقدية، ففي الفترة ما بين 2013 و2019 وصل إجمالي حجم التمويل التراكمي للهيئة في أربع دول فقط وهي السودان، موريتانيا، الأردن، جمهورية القمر المتحدة إلى 22,4 مليون دولار بمعدل نمو سنوي بلغ نحو 64% وصافي أرباح وصل إلى نحو 1,5 مليون دولار فما بالك بإجمالي حجم التمويل وأرباح المستثمرين في باقي الدول العربية أعضاء الهيئة؟! هذه الدول الأربعة هي من أهم الدول التي تعتمد عليها المنطقة العربية في الوصول للهدف الأسمى بتقليص الفجوة الغذائية في الوطن العربي، وهو ما يبلور الجهود الحثيثة والمساهمة الفعالة للهيئة في النهوض بالقطاع الزراعي ودعم صغار المزارعين والمنتجين بالقطاع الزراعي في مجمل المنطقة العربية.
دور الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي في مواجهة أزمة كورونا
وفي طريقها لتأمين الاحتياجات الغذائية الأساسية للدول العربية، أطلقت الهيئة في شهر مايو الماضي مبادرة لتوفير الاحتياجات الأساسية من السلع الغذائية للبلدان العربية وزيادة حجم التجارة العربية البينية بين الدول وذلك من خلال التعاون بين الشركات التي تساهم فيها الهيئة وبين الجهات المعنية في الدول العربية لتأمين السلع الغذائية الأساسية واستمرار الإمداد الغذائي في دول المنطقة للحد من التخوفات العالمية من نقص المواد الغذائية بسبب الآثار السلبية للفيروس.
وحتى أن ندوة العمل الافتراضية التي قامت بها الجامعة العربية في شهر يونيو الماضي لوضع خطة لمواجهة تداعيات أزمة كورونا أشادت الندوة بدور الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي في توفير الاحتياجات الأساسية الغذائية للدول العربية وضرورة زيادة رأسمال الهيئة من أجل القيام بزيادة عدد وحجم الشركات والمشروعات التي تسعى للنهوض بالقطاع الزراعي.
مبادرة صندوق تمويل القروض الدوارة لتمويل صغار المزارعين والمنتجين
في خضم المبادرات والجهود الحثيثة للهيئة للحول دون الوصول إلى نقص المواد الغذائية في الأسواق، أعلنت الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي مؤخراً في أكتوبر الحالي عن مبادرة صندوق تمويل القروض الدوارة لتمويل صغار المزارعين والمنتجين وذلك في ملتقى افتراضي شهد حضور نحو 1000 مشارك ممثلين عن كبرى المؤسسات الإقليمية والدولية المعنية ببرامج دعم صغار ومتوسطي المزارعين منهم الصندوق الدولي للتنمية الزراعية التابع للأمم المتحدة، البنك الإسلامي للتنمية، أجفند "برنامج الخليج العربي للتنمية"، المنظمة العربية للتنمية الزراعية، وعدد من بنوك التمويل الأصغر وغيرهم من المنظمات الدولية، الذين أعلنوا استعدادهم على المساهمة في الصندوق مع إشادتهم بدور الهيئة الكبير في النهوض بالقطاع الزراعي بالدول العربية.
خاصةً وأنها تقدم نموذج متكامل يحتذى به في تقديم الدعم لصغار ومتوسطي المزارعين من أجل النهوض بحجم وجودة الإنتاجية من خلال القروض الدوارة التي يمكن تجديدها تلقائياً وفقاً لما تم التعاقد عليه.
خطط مستقبلية تهدف إلى خلق نموذج استثماري رائد في تقليص الفجوة الغذائية للدول العربية
وحاليا تعمل الهيئة تحت قيادة السيد/ محمد بن عبيد المزروعي وتستند الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي على أرض صلبة تخولها من استمرار قيادة تطور الاستثمارات الزراعية في المنطقة العربية من خلال شركاتها المنتشرة في مختلف الدول العربية وتراكم الخبرات الفنية والإدارية للكوادر العاملة بها وعلى رأسهم السيد / محمد المزروعي، بما يعزز من المناخ الاستثماري القائم على الحوكمة والشفافية والاستراتيجيات المدروسة التي تهيئ للمستثمرين حال دخولهم في شراكة مع الهيئة فرص استثمارية واعدة في القطاع الزراعي في إطار أسس تجارية تهدف إلى تعظيم العائد على الاستثمار في المجال الزراعي.
وبالنظر إلى طبيعة عمل الهيئة نجد أن فكرة عملها تبلورت من مجرد اهتمامها بتعزيز الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية إلى الاهتمام بتقليص الفجوة الغذائية للدول العربية مع الاهتمام بسلامة وجودة المنتجات الزراعية وتحقيق التنمية الزراعية المستدامة في سبيل تحويل المنطقة العربية من منطقة مستوردة إلى منطقة مصدرة في القطاع الزراعي تستطيع المنافسة مع السلع الغذائية العالمية.
الاستثمار في القطاع الزراعي
مجالات الاستثمار في القطاع الزراعي عديدة ومتنوعة وتتميز الدول العربية بتنوع الفرص الاستثمارية في هذا المجال أكثر من غيره، ولكن حتى تستطيع اتخاذ القرار الاستثماري الأمثل باختيار دولة معينة عن غيرها فإنك تحتاج إلى معرفة الوضع الحالي لمجالات وأنشطة القطاع الزراعي في الدول العربية وأي الدول توفر أريحية أكبر للمستثمرين الأجانب وكيف تصل إلى مقدمي الخدمات الموثوق بهم حتى تستطيع الاستثمار بحرية أكبر في البلد الأجنبي دون التخوف من التعرض إلى أي ضغوط تضر بمصلحة مشروعك بسبب الاستثمار في بلدٍ أجنبي، وهو ما يمكنك التعرف عليه من خلال التسجيل بمنصة جي وورلد التي تمكنك من الإضطلاع على أكثر من 250 مؤشر يحتوي على إحصائيات وتحليلات اقتصادية تغطي الاستثمار في المجال الزراعي في الوطن العربي بالتفصيل من خلال تقارير اقتصادية مفصلة قام بإعدادها فريق الأبحاث في منصة جي وورلد للاستثمارات البديلة "جي وورلد نمنحك خريطة الاستثمار وعليك الاختيار".